الجمعة، 25 يناير 2013

رق القرن العشرين...

حسب ما وردنا عن عباس محمود العقاد، فإن الوظيفة هي رق القرن العشرين بما تمتلكه من وقت الإنسان وماتمتلكه من مجمل علم الإنسان وتحديدها لقدرات ومهارات الشخص ضمن إطار الوظيفة نفسه، إن الوقت الذي يقضيه معظمنا في العمل يسلب طاقاته لأي أعمال خاصة أخرى فيها من الابتكار والإبداع الكثير، هي استنزاف للطاقة وتحديد لها، وفي أحسن الحالات ومع انشط الأشخاص نرى أن المساحة الخاصة الفردية التي من الممكن أن نستفيد منها لخلق أو إبداع خاص تكون جداً محدودة ما بين ساعات العمل الطويلة التي تستنزف أكثر من ٨ ساعات وساعات الأكل والترفيه والتواصل الاجتماعي سواء مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء والنوم الصحي المحفز للدماغ على الإبداع، وتليها مسألة الإجازات المحددة مسبقا سنوياً والواجبة التبرير للاستفادة منها، والتي على سبيل المثال تحدد أيام المرض السنوية لكل شخص بما لا يتعدى الأسبوعين في احسن الحالات، ناهيك عن مساحة صاحب العمل لرفض أي إجازة يطلبها الموظف بحجة حاجة العمل.
إن التقيد أيضاً بساعات دوام محددة يلتزم بها الموظف سواء كانت مليئة بالواجبات المهنية أم كانت ساعات فارغة من الأعمال، لأي سبب من الأسباب تعتبر احتجازاً بلا معنى ولا مبرر، فالمهمات المهنية على كثرتها تنتهي بوقت محدد ومتغيرة من موسم إلى آخر وحتى من يوم إلى آخر، وقضاء هذه الساعات (تملك رب العمل لهذه الساعات يومياً من الموظف/ة) هي من السخافة بمكان بحيث أنها تشعر الموظف/ة فعلياً بالاستعباد والعجز فهي ساعات ضائعة من جهده ومن تطوره ومن حياته.
نقطة أخرى غاية في الأهمية هي تعلق الشخص وتحديده فقط بالمهام الوظيفية الملقاة على عاتقه دون تطوير لقدراته أو الاستفادة من كامل مواهبه وإبداعاته الفكرية والمهنية واليدوية، (استثني هنا أحيانا ما يتم طلبه من النساء العاملات بناء على دورهن الاجتماعي من اعداد القهوة مثلا أو بناء على الأفكار المسبقة التي تتعلق بدونية النظرة لعمل المرأة وعدم تقديره حق قدره بالطلب الدائم من الزملاء بطباعة المحاضر والاوراق التي يرى معظم الرجال في عملها ضياعاً لوقتهم الثمين) إن الدرجة العلمية التي حصل عليها الشخص والتي تم قبوله بناء عليها لشغل الوظيفة هي المحدد الرئيسي والدائم لعمل الموظف/ة، ولا تتاح لهم الفرصة أبداً للاطلاع بمهام أخرى، ومن هنا نجد الاحتكار الكامل لمجمل علم الإنسان في العمل ولو لم يتم الاستفادة من كامل علمه/ا على ارض الواقع، إحدى اهم الأمثلة التي اطلعت عليها هي دراسة الماجستير لإحدى العاملات في المؤسسات التربوية الرياضية في تخصص نفسي يهتم بالأسرة والأطفال على وجه الخصوص، هذه الدراسة وطوال سنتين كلفتها مادياً بشكل مضاعف (تكلفة الدراسة نفسها والخصميات الوظيفية عن كل يوم غياب للدراسة) وبنهاية المطاف تم توكيل مهمة جديدة بالعمل تختص بالإرشاد النفسي للأطفال لها بناء على الشهادة الجديدة التي حصلت عليها، وهو ما يمثل الاحتكار الكامل لعلمها ومعرفتها مع عدم المساهمة كحد أدنى في تطوير مهاراتها الأساسية (بغض النظر عن الدورات الدورية التي تهدف لرفع المهارة بأقل وقت لكسب أكبر استفادة من طاقات ومعارف طواقم العمل) التي كانت تحتاجها.
إن أغلب الفلاسفة والمفكرين والمخترعين الذين اضافوا احياتنا الكثير لم تحددهم وظيفة ومكتب وادراج، لقد عملوا بمنتهى الحرية والانطلاق وأثروا فعلياً علينا وعلى اجيال كثيرة وتركوا اثرهم طويل المدى على العالم، جل ماأخشاه في دوران عجلة العمل ونسيان الأحلام والمواهب والأهداف القديمة التي حلم كل واحد منا بها في سبيل توفير دخل شهري ثابت يساعدنا على تحمل الأعباء الاقتصادية التي تزداد يوما بعد يوم ودون الحلم بأي تطوير أو رفاه أو تحقيق لذواتنا لنسلب أخيرا من معنى وجوهر حياتنا.
واخيرا ادرج ما قاله احمد الزيات في هذه المسألة:
ان أولى الناس بالرثاء لاولئك الذين سلبوا جوهرة الحياة وحرية العيش وعاشوا في ظلام الوجود مكبلين على مكاتبهم


لونا داود عريقات

الجمعة، 18 يناير 2013

اعلان حقوق المرأة والمواطنة

هل ستبقى النساء معزولات بعضهن عن بعض بحيث لا يشكلن جسماً مع المجتمع؟ تتساءل أولمب دو غوج Olympe de Gouges المولودة سنة 1748م في مونتوبان- فرنسا والتي عاشت حقبة متميزة من تاريخ بلدها وأوروبا.


في نصف أيلول 1791م، نشرت أولمب إعلان حقوق المرأة والمواطنة، ليتوج عدة نصوص في الموضوع لكوندرسيه ومدام دو كامبي وعدد هام من المغمورات، رغم أن هذا النص لم يأخذ حقه من العديد ممن دافع عن المرأة مبكراً، إلا أنه يعد من أكثر البيانات تماسكاً وفرادة وأصالة، اعتقلت كاتبة البيان في تموز 1793م (اسمها الحقيقي ماري غوز، ابنة غير شرعية للشاعر الماركيز لوفرانس دو بونبنيان، رباها  بيير غوز الذي كان يعمل لحّاماً؛ والدتها آن-أوليمب ابنة صانعٍ للجوخ، تزوجت في السابعة عشر من عمرها صاحب مطعمٍ يدعى لويس-إيف أوبري وانجبت منه صبياً، وترملت مبكراً، أدمنت الكتابة السياسية والمسرحية وتعرفت على الكثيرين من المفكرين والأدباء والسياسيين ومنعت مسرحياتها من العرض لطروحاتها السياسية الجريئة، بدأت بكتابة المقالات السياسية في 1788م بمقالها الأول "رسالة إلى الشعب" تحدثت في أغلب مقالاتها عن حقوق الإنسان من النساء والسود والاصلاحات الاجتماعية وبما أنّ المنابر الرسمية لم تكن في متناول النساء، استخدمت أوليمب، لإسماع صوتها، ملصقات مطبوعة بآلاف النسخ وشاركت في نقاشات المجلس الوطني) وهي في السجن، تمكّنت من تعليق رسالتيْن هجائيّتين أخيرتيْن بعنوان "أوليمب دو غوج في المحكمة الثورية" و "إمرأة وطنية مُضطهَدة"، في 2 تشرين الثاني 1793م مثلت امام المحكمة الثورية التي رفض أعضائها حصول أولمب على محامي لتدافع هي عن نفسها ببسالة، وصدر بنفس اليوم الحكم عليها بالاعدام، وتم تنفيذ الحكم في اليوم التالي 3 تشرين الثاني 1793م، وصعدت أوليمب إلى المقصلة ووجّهت هذه الجملة الأخيرة إلى الناس المحتشدين:
"يا أبناء الوطن، ستثأرون لموتي!"

والتالي هو اعلان حقوق المرأة والمواطنة الذي كتبته في 1791م

المقدمة والمواد
تطالب الأمهات، البنات، الأخوات، ممثلات الأمة، يطالبن بالحضور ضمن مجلس وطني. معتبرات بأن الجهل، النسيان أو احتقار حقوق المرأة هي الأسباب الوحيدة للبؤس العام وفساد الحكومات، قررن التقدم، في إعلان احتفالي، بالحقوق الطبيعية، غير القابلة للتبديل والمقدسة للمرأة. يهدف هذا الاعلان الحاضر أبداً في ذهن جميع أعضاء الجسم الاجتماعي لتذكيرهم باستمرار بمكوناته التي هي حقوقهم وواجباتهم. من أجل أن يتم في كل وقت، مقارنة ممارسات السلطة عند النساء وعند الرجال، ويكون احترامها هدف كل مؤسسة سياسية. من أجل جعل مطالبات النساء، القائمة من الآن فصاعداً على مبادئ بسيطة لا يمكن الاحتجاج عليها، جزءاً من الدستور والأخلاق العامة ومناشدة السعادة للجميع.
وعليه، فإن الجنس الأعلى في الجمال وفي الجرأة وفي تحمل آلام الأمومة يعترف ويعلن، بوجود وتحت رعاية الكائن الأسمى، الحقوق التالية للمرأة والمواطنة:
مادة 1
تولد المرأة حرة وتبقى مساوية للرجل في الحقوق. ولا يمكن للتمايزات الاجتماعية إلا أن تقوم على النفع العام
مادة 2
إن غاية كل تجمع سياسي هي الحفاظ على الحقوق الطبيعية غير القابلة للزوال للمرأة والرجل. هذه الحقوق هي: الحرية، الرفاه، الأمن وخاصة مقاومة الظلم.
مادة 3
يعتمد مبدأ كل سيادة بالأساس على الأمة، التي هي في الواقع اجتماع المرأة والرجل؛ ولا يحق لأي فرد أن يمارس سلطة لا تنبع منهما بالتحديد.
مادة 4
الحرية والعدالة تعني اعطاء الآخر ما يعود إليه؛ وهكذا فإن الحدود أمام ممارسة النساء لحقوقهن الطبيعية تتمثل في الطغيان المستمر الذي يفرضه عليهن الرجل. هذه الحدود يجب أن يجري إصلاحها بقوانين الطبيعية والعقل.
مادة 5
إن قوانين الطبيعة والعقل تمنع كل عمل ضار بالمجتمع؛ وكل ما ليس ممنوعاً من هذه القوانين الحكيمة والمقدسة لا يمكن لأحد منعه، ولا يمكن لأحد أن يقوم بما لا تنادي به.
مادة 6
القانون هو التعبير عن الارادة العامة: على كل المواطنات والمواطنين المشاركة مباشرة أو عبر ممثليهم في إعداده؛ وعليه أن يكون واحداً للجميع؛ كل المواطنات والمواطنين، باعتبارهم متساوين بنظره فإن من حقهم التمتع بالكرامة والمناصب وظائف العمل العامة، كل حسب كفاءاته، بدون أي تمييز سوى ما يعود لفضائلهم وكفاءاتهم.
مادة 7
لا استثناء لأية امرأة، فهي تتهم وتوقّف وتعتقل ضمن القانون: تخضع النساء كالرجال بصرامة للقانون.
مادة 8
لا يجوز للقانون أن يقر إلا بالأحكام الضرورية والمحددة، ولا يجوز معاقبة أية امرأة إلا وفقاً لقانون تم سنه وإقرار قبل واقعة الجرم، بحيث يطبق بشكل قضائي على النساء.
مادة 9
يطبق القانون بدقة على كل امرأة تثبت إدانتها.
مادة 10
لا يحق مضايقة أحد من أجل آرائه الأساسية؛ ومن حق المرأة التي تذهب إلى المقصلة أن تعتلي منصة البرلمان، ما دامت تحركاتها لا تسبب اضطراباً للأمن العام حسب القانون.
مادة 11
إن تواصل الأفكار والآراء واحد من الحقوق الأكثر أهمية للمرأة، لأن هذه الحرية تضمن شرعية الآباء تجاه أطفالهم. كل مواطنة تستطيع أن تقول بحرية: أنا أم طفل لكم، دون فرض حكم مسبق بربري يجبرها على إخفاء الحقيقة؛ إلا للمقاضاة على الاستعمال السيء للحرية في حالات يحددها القانون.
مادة 12
ضمانة حقوق المرأة والمواطنة تتطلب نفعاً أساسياً؛ هذه الضمانة تقوم على فائدة الجميع، وليس فقط فائدة محصورة بمن تمنح لها.
مادة 13
تتساوى مساهمات الرجال والنساء في كل ما يتعلق بسير شؤون القوة العامة ونفقات الإدارة والمرأة تقوم بكل أعمال السخرة والمهمات الصعبة، ولها بالتالي أن تتقاسم بعدل توزيع الأماكن والمهمات والأشغال والمناصب وفي الصناعة.
مادة 14
من حق المواطنات والمواطنين أن يقدروا بأنفسهم أو عبر ممثليهم ضرورة المشاركة العامة. لا يمكن للنساء أن ينتسبن إلا عند قبول مبدأ المقاسمة العادلة، ليس فقط في الثروة وإنما أيضاً في الادارة العامة وفي تحديد ضريبة النصاب، الوعاء الضريبي، الجباية وزمن الضريبة.
مادة 15
لجمهور النساء المساهم مع جمهور الرجال الحق في طلب محاسبة أي موظف عام في إدارة عمله.
مادة 16
كل مجتمع تكون الحقوق فيه غير مضمونة وفصل السلطات غير محدد هو مجتمع بلا دستور.
إن أي دستور لا تشارك أغلبية الأفراد المشكلين للأمة في تحريره يعتبر ملغي.
مادة 17
تعود الملكيات لكلا الجنسين مجتمعين أو متفرقين: وهي حق لكل منهما مقدس ولا يجوز المساس به؛ كما لا يجوز أن يحرم منه أحد باعتباره تراثاً للطبيعة، إلا في حال وجود ضرورة عامة يتم تقديرها بشكل قانوني وبشرط أن يكون هناك تعويض مسبق وعادل.