ترجع
أهمية منطقتنا إلى عصور غائرة في القدم فالاكتشافات الاثرية أثبتت ان الانسان
الاول عاش في فلسطين منذ حوالي المئة وخمسين ألف سنة [1]،وبذلك
يجب التطرق إلى تطور الملكية في المجتمعات البدائية منذ بدايات الوجود الانساني، هناك
عدة آراء تتعلق بفكرة الملكية عند المجتمعات البدائية، وهي:
1- الملكية
بدأت جماعية في المجتمعات البدائية : يقول أصحاب هذا
الرأي أن الطبيعة التي كان يحيا فيها الانسان القديم وقسوة العيش فرضت عليه اللجوء
للجماعة للسيطرة على الموارد الطبيعية بشكل أكبر، وهكذا بدأت الأسر تقترب من بعضها
البعض لتؤلف جماعة قوية تتعاون في أمور عدة كحماية الجماعة والصيد والغنيمة التي
يصطادونها والتي تصبح ملكاً للجميع بالاضافة إلى أدوات الصيد نفسها التي تعتبر أيضاً
ملك للجماعة كلها، وهذا حتم عليهم العيش في مجموعات، ومع التطور الحضاري وتحول
الانسان لتربية الحيوانات اصبحت المراعي والقطعان ومجاري المياه ملكية جماعية
للذكور البالغين من أعضاء المجموعة المتعاونة معاً[2].
وفلسطين بحكم موقعها الجغرافي المتوسط بين
القارات خضعت لعوامل وفرت الجو الملائم لسكن الانسان واستقراره ولتكاثر المراكز
الحضارية والتقنية حيث ظهرت تجمعات ريفية وقروية متعددة، وأهم الشواهد على
التجمعات في العصور الحجرية الحديثة تحديداً العصر النيوليتي من5250ق.م إلى 3900ق.م،
تجمع وجد في أريحا[3].
2- الملكية
بدأت فردية عند المجتمعات البدائية : الرأي الآخر يقول
أن أساس الملكية في العصور القديمة بدأ بالملكية الفردية فقد كانت جميع الاشياء في
العصور الانسانية الاولى مباحة فكان من يضع يده عليها يتملكها ومن هنا أخذ الانسان
الاول بعد معرفته للتخزين يستأثر بالاشياء التي يحصل عليها ومن ثم اصبح يطور الاشياء
التي يحصل عليها فيصنع منها الأسلحة واللباس ويتملكها وقد عاش الانسان الاول مع
أسرته في المغاور على جانبي مجرى نهر الاردن وبعض المناطق السورية الاخرى ليتقى
بذلك الحيوانات المفترسة وشدة البرد أو الحر، وكان شعور الانسان الاول بالملكية
يقوم على أن ما يحصل عليه أو يصنعه هو جزء من شخصه ومن حقه حتى بعد موته.
ومع التطور الحاصل ومعرفة
الانسان الاول نظام الدفن اصبح يقوم بدفن أشيائه الخاصة معه مما كان يؤدي لافتقار
العائلة من بعده (كما كان يحصل في العصر الحديدي) ومع مرور الزمن تعدلت الامور
وأصبحت أشياء الميت تقتسم بينه وبين الاسرة ومنها نشأ نظام الارث، وقد تطورت ملكية
الانسان الاول لتشتمل على المباني التي بدأ بتشييدها في العصر النيوليتي القديم
بداية بالمساكن المؤلفة من غرفة واحدة مستطيلة أو مربعة وحتى المساكن متعددة الغرف
التي تشتمل على بركة مياه مع مكان العبادة الخاص بالاسرة ومن ثم قام الانسان الاول
بعمل سور يحيط بهذه الاملاك لحمايتها[4].
3- الملكية
الفردية والجماعية تزامنتا معاً: يرى الفريق الثالث
أن الملكية الفردية والجماعية لم يخلو منهم أي عصر من العصور وقد تزامنوا معاً
وساروا معاً جنباً إلى جنب فالملكية الجماعية وجدت وانتظمت عند الشعوب البدائية
فكان لكل عشيرة مراعيها وأراضيها الخاصة التي تعتبر ملكاً خالصاً لها لايشاركها
فيها أحد من القبائل والعشائر الاخرى، وللقبيلة أيضاً ملكية الغنائم التي يحصل
عليها افراد القبيلة وتوزع حسب نظم معينة، كما وللقبيلة ملكية المدافن والمساكن
وعند بعض العشائر كانت ملكية الرقيق للعشيرة ككل، وأيضاً وجدت الملكية الخاصة بنفس
الوقت التي تمثلت بالملابس والاسلحة وأدوات الزينة ومايتصل بها اتصال مباشر
لاستخدامه الفردي وسد حاجاته فكانت هذه الاشياء تعد ملكاً خالصاً للفرد وتنتقل
لأفراد أسرته من بعده، ومن الجدير ذكره أن الفرد عرف الملكية الفردية على الحقول
التي يقوم هو باستصلاحها واحيائها.
وهكذا فان النظامين عُرفا معاً عبر
العصور التاريخية القديمة وتلازما حتى أيامنا هذه وكل ماهنالك أن بعض الملكيات
تغيرت من عصر إلى آخر كتغير ملكية الرقيق من العام إلى الخاص وملكية الابنية أيضاً
أو بقيت كما هي كملكية الملابس، وبعضها اقتصر على ملكية الجماعة كالطرق مثلاً[5].
[1] -قصة وتاريخ الحضارات
العربية بين الامس واليوم(فلسطين)/عاطف عيد/دار احياء التراث
العربي/الجزء7-8/بيروت/1998م-1999م/ص13.
[2] -د.عبد السلام
الترمانيني/الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية/منشورات جامعة
حلب/1990م/ص155+د.محمد علي حنبولة/الوظيفة الاجتماعيةللملكية الخاصة/ط1/1974م/ص21.
[3]- قصة وتاريخ الحضارات
العربية بين الامس واليوم(فلسطين)/عاطف عيد/جزء7-8/دار احياء التراث
العربي/بيروت/1998م-1999م /ص17.
[4] -المصدر
4/ص152و153+المصدر5/18و19.
[5] - د.محمد علي
حنبولة/الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة
/ط1/1974م/ص36.

